قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن تصعيد جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف النازحين في منطقة «المواصي» يحول المنطقة الإنسانية إلى مصيدة موت، في إطار سياسة منهجية تقوم على نفي الأمان عن أي مكان يتواجد فيه الفلسطينيون، وتحويل كل ملاذ إلى هدف، ضمن حملة الإبادة الجماعية الهادفة إلى القضاء على الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأوضح «الأورومتوسطي» في بيان، اليوم الأربعاء، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يطلق النار بشكل مباشر على النازحين داخل خيامهم في منطقة المواصي جنوب غربي القطاع، ما يخلف قتلى وجرحى في جريمة تتكرر بشكل يومي تقريبًا، دون وجود أي ضرورة عسكرية أو أمنية.
وأضاف أن جيش الاحتلال يستهدف خيام النازحين في منطقة «المواصي» بواسطة نيران دقيقة من القناصة، وأخرى عشوائية من الطائرات المسيرة والآليات العسكرية القريبة من المنطقة، إلى جانب الغارات الجوية والقصف المدفعي المتكرر، بينما يزعم في ذات الوقت أنها منطقة إنسانية، ويأمر أكثر من مليون شخص من سكان مدينة غزة بالنزوح إليها.
وأكد الأورومتوسطي أن فريقه الميداني وثق خلال الأيام الماضية حوادث متكررة لاستهداف خيام النازحين بشكل مباشر في المنطقة، ما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، فضلا عن تدمير خيامهم وما تبقى من مقتنياتهم الشخصية التي تمثل الملاذ الأخير لهم.
وأشار إلى أنه تابع العديد من المقاطع المصورة التي نشرها عناصر من جيش الاحتلال الإسرائيلي، إذ يظهرون وهم يطلقون النار على الفلسطينيين في خيام النزوح بدافع التسلية أو المراهنة فيما بينهم على التصويب، بما يكشف أن إطلاق النار لا يتم لهدف محدد أو بدافع ضرورة أمنية أو عسكرية، بل في إطار نهج متعمد يسعى إلى إيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر في أرواح المدنيين وممتلكاتهم، وتجريدهم من أي شعور بالأمان.
وتابع المرصد الأورومتوسطي، إن فريقه الميداني وثق استشهاد أحلام رائد فايز الشاعر (26 عاما)، وهي أم لطفلين، برصاص جيش الاحتلال في وقت مبكر من صباح الإثنين 1 سبتمبر الجاري، خلال إعدادها الشاي في خيمتها التي تنزح بها في منطقة مواصي خان يونس جنوبي القطاع.
فيما أشار والد زوج الضحية، «كرم حسين صيدم» (60 عاما) لفريق الأورمتوسطي إن أرملة ابنه كانت تعد الشاي لطفليها في منطقة مواصي خان يونس عندما تعرضت لإطلاق نار من طائرة «كواد كابتر» إسرائيلية أصابتها بعيار ناري في رأسها أمام طفليها «أيمن» و«كرم».
وذكر «صيدم» أن حفيديه باتا الآن يتيمي الأبوين، إذ قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي في 10 مايو 2023 والدهما أيمن بعد استهداف المزرعة التي كان يعمل فيها شرقي رفح الفلسطينية بغارة جوية، وتحملت منذ ذلك الوقت والدتهما مسؤولية رعايتهما، وتضاعفت معاناتها مع بدء الحرب بسبب النزوح المتكرر والجوع والخوف، حتى قتلها جيش الاحتلال بطلق ناري مباشر دون أي ضرورة أو مبرر.
وعلى نحو مشابه، وثق الفريق الميداني استشهاد الصحفية إيمان أحمد الزاملي، بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب مواصي خان يونس، وهي تحاول الحصول على مياه الشرب مساء الثلاثاء 2 سبتمبر 2025.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أنه وثق إلى جانب إطلاق النار، عشرات الحوادث التي تعرضت فيها خيام النازحين للقصف الجوي والمدفعي من الزوارق أو الدبابات الإسرائيلية.
وفي هذا الصدد، أشار إلى استشهاد 15 شخصا، منهم 11 طفلا وامرأة في مواصي خان يونس في القصف الإسرائيلي يوم السبت الموافق 23 أغسطس 2025، لافتا إلى أن استهداف المدنيين داخل ما يسمى المناطق الإنسانية يعكس سياسة متعمدة تقوم على إلغاء مفهوم الحماية من أساسه، فحين تتحول الأماكن التي يفترض أن تكون ملاذا آمنا إلى ساحات قنص وقصف، يصبح واضحا أن إسرائيل تنفي عمليا وجود أي منطقة يمكن أن تشكل ملاذا للفلسطينيين، وهو ما يعكس سياسة إسرائيلية منهجية تقوم على نفي أي إمكانية لوجود أماكن آمنة في قطاع غزة، حيث يواجه النازحون خطر القتل المباشر بالقصف أو الرصاص أو الموت البطيء بفعل الجوع والمرض وانهيار النظام الصحي.
وشدد على أن إسرائيل تستخدم النزوح كسلاح مزدوج، فهي من جهة تجبر المدنيين على مغادرة مناطقهم الأصلية بدعوى حمايتهم، ومن جهة أخرى تستهدفهم في مناطق النزوح نفسها، بحيث يصبح النزوح أداة قسرية أولى لتجميع المدنيين، وأداة ثانية لإيقاع أكبر قدر ممكن من الضحايا، فيتحول الملاذ المفترض إلى مصيدة موت جماعي.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن آلاف العائلات التي نزحت إلى المواصي تعيش في ظروف إنسانية قاسية للغاية، تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، في ظل نقص حاد في الغذاء والمياه الصالحة للشرب والأدوية، ما يفاقم المخاطر الصحية ويجعل السكان عرضة للأوبئة والأمراض المعدية، كما يضطر كثير من النازحين للعيش في خيام مهترئة أو في العراء دون حماية من الحر أو البرد أو الأمطار، فيما تتفاقم معاناة الأطفال والنساء وكبار السن بسبب غياب الرعاية الطبية والخدمات الأساسية، وسط حالة من الاكتظاظ الشديد وغياب شبكات الصرف الصحي، ما يحول المنطقة إلى بيئة غير صالحة للعيش ويهدد حياة الآلاف بالموت البطيء.
وشدد المرصد على أن استمرار هذه السياسة يكشف نية إسرائيل في إخضاع سكان غزة لواحد من خيارين لا ثالث لهما: إما الموت السريع عبر القصف والاستهداف المباشر، أو الموت البطيء بفعل التجويع المتعمد، وهي أفعال تشكل جريمة إبادة جماعية وفق القانون الدولي، إذ تعكس توجها منظما لفرض ظروف معيشية تهدف إلى إهلاك السكان الفلسطينيين كليا أو جزئيا.
وحث الأورومتوسطي جميع الدول، على تحمل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك، وضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية.
Source link
تم رصد الخبر من موقع المصري اليوم