بينما يتوجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط في زيارته الرسمية الأولى خارج البلاد، يترك وراءه حزباً متخبطاً في تجاذبات داخلية يسعى جاهداً لإقرار أجنداته الداخلية الطموحة.
من أهم المشاريع التشريعية التي يسعى الجمهوريون لتسلميها لترمب في عهده الثاني، مشروع التسوية الذي يتضمن أبرز البنود على أجندة البيت الأبيض، من التخفيضات الضريبية إلى تقليص الحكومة ورفع الموازنة الدفاعية وتعزيز الأمن الحدودي، وصولاً إلى رفع سقف الدين العام بعد تحذيرات من وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، بضرورة إقرار هذا الرفع قبل منتصف يوليو (تموز) المقبل.
معظمها بنود سعى ترمب إلى إقرارها عبر قراراته التنفيذية، لكنها قرارات مؤقتة تنتهي صلاحيتها بانتهاء عهد الرئيس، أو بقرار من المحاكم التي تتصدى لمعظمها. لذا، فمن الضروري إقرار تشريعات تضمن استمراريتها لضمان إرث ترمب بعد مغادرته البيت الأبيض، وإعطاء الجمهوريين دفعاً للاحتفاظ بأغلبيتهم في الانتخابات النصفية المقبلة.
انقسامات داخلية
لكنّ التوصل إلى تسوية بشأن هذه البنود أمر صعب، خصوصاً في ظل الأغلبية الضئيلة للجمهوريين في مجلسي الشيوخ والنواب والانقسامات التي يشهدها الحزب على ملفات حساسة يتضمنها المشروع؛ كرفع السقف الضريبي على الأغنياء، وهو ما طالب به ترمب مؤخراً، إذ اقترح رفع الضرائب بنسبة 39.6 في المائة على الأميركيين الذين يتخطى مدخولهم 2.5 مليون دولار سنوياً في تصريح فاجأ أعضاء حزبه، خصوصاً المحافظين منهم المتخوفين من تأثير أي رفع للضرائب على الاقتصاد الأميركي، وهذا ما تحدث عنه النائب الجمهوري دارين لحود، الذي أعرب عن قلقه من رفع أي نوع من الضرائب، عادّاً أي خطوات من هذا النوع من شأنها أن تؤثر سلباً على الاقتصاد والاستثمارات طويلة وقصيرة الأمد. ودعا لحود إلى تعزيز التخفيضات الضريبية «لتقديم دفعة قوية للاقتصاد».
ولعل التخوف الجمهوري الأبرز هو تأثير أي بنود دائمة يتضمنها مشروع التسوية على الاقتصاد الأميركي، فهذه هي القضية الأولى والأساسية التي ستضمن إما فوزهم أو خسارتهم في الانتخابات النصفية، في وقت يلمح فيه بعضهم إلى أن ترمب ليس لديه ما يخسره فعلياً مع الناخبين من خلال خطوات من هذا النوع، إذ إنه لن يترشح لولاية ثالثة.
هذا الواقع يضع الجمهوريين في موقف لا يحسدون عليه، فمن جهة يريدون إرضاء رئيس يتمتع بدعم واسع في صفوف القاعدة الحزبية، ومن جهة أخرى ينظرون إلى المخاطرات التي من شأنها أن تولد رفضاً شعبياً يودي بحظوظهم في الانتخابات النصفية. ويشدد الزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ، جون ثون، على التزام حزبه بأجندة ترمب، مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن تخرج الأمور عن مسارها خلال مشوار المفاوضات، وأن قيادات الحزب حريصة على «عودة الأمور إلى مجاريها»، لإقرار «المشروع الكبير والجميل»، بحسب توصيف ترمب.
لكن التحديات لا تأتي فقط من الجانب الجمهوري، فالديمقراطيون المستاؤون من أداء ترمب وقراراته تعهدوا بعدم إعطاء الجمهوريين أي صوت من جانبهم لإقرار المشروع المذكور، ما يعني أن رصّ الصف الجمهوري ضروري لتمريره.