أثار مقترح برلماني تقليص عدد الإجازات الرسمية في مصر، بهدف «زيادة الإنتاج وتحسين الأوضاع الاقتصادية»، جدلاً واسعاً، حيث اعتبره البعض محاولة للانقضاض على الحقوق العمالية الراسخة عالمياً، فيما رأى آخرون وجاهة للمقترح، ضاربين المثل بشهر أبريل (نيسان) الماضي، الذي شهد إجازات عدة بين دينية وقومية، وصلت بالإضافة إلى يومي الجمعة والسبت، إلى 12 يوماً.

وقدمت عضو لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب (البرلمان)، آمال عبد الحميد، الأحد، مقترحاً موجهاً إلى رئيس الوزراء ووزير الاستثمار، بتقليص عدد الإجازات الرسمية 50 يوماً على الأقل، قائلة إن «إجمالي الإجازات والراحات الأسبوعية التي يحصل عليها الموظف في السنة يبلغ 104 أيام، والإجازات المرتبطة بالأعياد والمناسبات الوطنية تصل إلى 18 يوماً، أي إن مجموع الإجازات في العام الواحد يبلغ في المتوسط 122 يوماً من أصل 365 يوماً؛ بما يعادل ثُلث السنة».

النائبة آمال عبد الحميد (صفحة النائبة – «فيسبوك»)

وهاجم متابعون عبر «السوشيال ميديا» المقترح، واعتبروه محاولة للانتقاص من حقوقهم، وتحميلهم أسباب الأزمة الاقتصادية، مشيرين إلى أن العديد من الدول العربية والأوروبية لديها إجازات قريبة من عدد أيام إجازات مصر، ولديها اقتصاد قوي، وتساءل بعضهم عن سياسات اقتصادية أخرى، وأثرها على المواطن، مثل ارتفاع الأسعار.

ويأتي المقترح بعد جدل أثاره الفنان سامح حسين، في حديثه أمام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفالية بمناسبة عيد الفطر الماضي، حينما قال: «ربنا يكثر أعيادنا، لكن ليس ضروري أن تكون كل هذه الأعياد إجازة… نريد أن نعمل»، وهو ما هاجمه البعض آنذاك، ما دفع حسين للتوضيح عبر حسابه على موقع «إكس» أنه لم يقصد إلغاء الإجازات الموجودة، بل «تمنى أن تتزايد الأعياد دون احتساب إجازات رسمية جديدة».

الفنان سامح حسين يتحدث أمام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال احتفالية عيد الفطر الماضي (التلفزيون المصري)

ويعد يوما الجمعة والسبت من كل أسبوع إجازة رسمية في الدولة، يحصل عليها العاملون في القطاع الحكومي، وبعض العاملين في القطاع الخاص، بالإضافة إلى الحق في 21 يوماً أخرى على مدار العام وفق قانوني الخدمة المدنية والعمل، فضلاً عن الإجازات الرسمية الأخرى التي تراكمت على مدار عقود مختلفة.

وكانت آخر إجازة رسمية أُضيفت إلى سجل الإجازات في مصر يوم 30 يونيو (حزيران) من كل عام، بداية من العام 2015، احتفالاً بذكرى احتجاجات «30 يونيو» والتي أسقطت حكم جماعة «الإخوان» في مصر.

ويتفق الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، مع النائبة في أن «الإجازات في مصر كثيرة، بين اعتيادي، وإجازات رسمية، وراحة أسبوعية، ما يعُطل الكثير من المصالح الحكومية فترات طويلة، ويعرقل الخدمات»، لكنه رأى أن «الأزمة ليست في الإجازات فقط، بل في غياب أي مؤشر أو قياس دقيق لأداء العامل والموظف في مصر، فالإنتاجية ليست مرتبطة بالضرورة بساعات العمل».

وأضاف النحاس لـ«الشرق الأوسط» أن «مشكلات الإدارة في مصر متعددة، من بينها قدرة العمال على إهدار الوقت دون إنتاجية حقيقية، خصوصاً في القطاع الرسمي، عكس القطاع الخاص». واستشهد الخبير الاقتصادي بقطاع الاتصالات «3 شركات فقط، متوسط قوة الشركة منها 3500 موظف، ويقدمون خدمات لملايين المصريين بكفاءة، مقارنة بوجود أكثر من 3 ملايين في الجهاز الإداري للدولة، ينتقد البعض أداءهم».

وقالت النائبة خلال مقترحها: «أوضاع الاقتصاد المصري حاليّاً تتطلب تكثيف العمل، والإنتاجية، وليس استقطاع جزء كبير من السنة لصالح الإجازات والعطلات؛ لا سيما أن هذه الإجازات تشكل عبئاً ماليّاً على الصناع، والمستثمرين، والمصدرين، وتضغط على ربحية الشركات، والمصانع، في وقت تعاني فيه تراجعَ الإنتاجية، وضعفَ ظروف التشغيل، وارتفاعَ تكاليفه، وتراجعَ همة العامل المصري».

وسبق أن انتقد وزير الاستثمار المصري حسن الخطيب في أبريل الماضي كثرة الإجازات الرسمية، وما تسببه من خسائر، قائلاً في حوار تلفزيوني إن «مصر تخسر 150 مليون دولار يومياً بسبب تأخر الإفراج الجمركي عن البضائع، وإن هذا التأخير يعود جزئياً إلى كثرة الإجازات الرسمية التي بلغت 128 يوماً العام الماضي».

في المقابل، يرى الباحث في العدالة الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، محمد رمضان، أن «الأزمة ليست في الإجازات، بدليل أن كثيراً من دول العالم تتجه حالياً إلى تحديد أيام العمل بـ4 أيام أسبوعياً فقط، بعدما لوحظ أن زيادة الإجازات تُحسن من الأداء، فضلاً عن التوظيفات التكنولوجية التي قللت الاعتماد على العنصر البشري».

وأضاف رمضان لـ«الشرق الأوسط»: «الأولى التفكير في حلول، مثل زيادة عدد العمالة، وتشغيل المصانع، والمصالح الحكومية، والبنوك لفترتين صباحية ومسائية، بأطقم مختلفة من العمالة، ما سيؤدي إلى زيادة الإنتاج، وفي الوقت نفسه تحسين دخل الأسر من زيادة نسبة التشغيل، وتوظيف التكنولوجيا بشكل يجعلها داعمة للإنتاج، وليست معرقلة له كما يحدث في مصر».

وشدد رمضان على أن «أي محاولات لتقليص مدة الإجازات هي انقضاض على حقوق عمالية راسخة في العالم كله».





Source link

اشتراك

لو بتدور على مناقصة أو مزاد معين تقدر تتواصل معانا وهنعملك تقرير يتم إرساله يوميا على الواتساب الخاص بكم في المجال الـ أنت مهتم بيه سواء في الصحف الورقية أو بوابة التعاقدات الحكومية للتواصل: 01091776061