يتَّجه المفاوضون الإيرانيون والأميركيون إلى جولة رابعة من المحادثات غير المباشرة، في أجواء تُشبه إلى حدٍّ كبير تلك التي سبقت الجولة الأولى، حيث التلويح بالخطوط الحمراء، وترقّب ما يسميها الإيرانيون «طبيعة السلوك الأميركي بعد اختبار النوايا».
وتُعقَد المحادثات في عُمان، يوم الأحد، ومن المتوقع أن يناقش الجانبان إطاراً عاماً للمضي قدماً، وفقاً لشبكة «سي إن إن»، لكن الإعلام الإيراني تحدَّث بخيبة أمل عن عودة «سياسة الضغوط القصوى».
وكان المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، قد حذَّر من أنه إذا لم تكن المحادثات مع إيران مثمرة، «فلن تستمر، وسنضطر إلى اتخاذ مسار مختلف».
وفي مقابلة نُشرت على موقع «برايتبارت»، قال ويتكوف إن الولايات المتحدة امتنعت عن عقد جولة جديدة من المحادثات الأسبوع الماضي؛ «لأننا كنا بحاجة إلى التوصُّل إلى تفاهمات معينة مع إيران حتى تكون المناقشات ذات فائدة». وأضاف: «نأمل أن تكون محادثات يوم الأحد مثمرة، ونأمل أن يعني ذلك استمرار تلك المحادثات».
ووصف ويتكوف توقّعات الولايات المتحدة من المحادثات بأكبر قدر من التفصيل حتى الآن، وقال: «لا يمكن أن يوجد برنامج تخصيب داخل إيران مجدداً. هذا هو خطنا الأحمر. لا تخصيب. وهذا يعني التفكيك، وعدم التسلح، ويعني أن منشآت (نطنز)، و(فوردو)، و(أصفهان)، وهي المنشآت الثلاث الخاصة بالتخصيب، يجب أن تُفكَّك».
وكانت إيران قد أكدت أن من حقها تخصيب اليورانيوم، وأن هذا الأمر غير قابل للتفاوض. وكتب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، على «إكس» قبل أسبوع: «لإيران كل الحق في امتلاك دورة الوقود النووي الكاملة».
وعلى غرار المفاوضات مع روسيا، حيث طرحت الولايات المتحدة حوافز لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لمَّح ويتكوف إلى وجود حوافز مماثلة مطروحة على طهران.
وقال: «نحن ندعو إيران إلى أن تكون عضواً في رابطة الأمم». وأضاف: «نقول لإيران: يمكنكِ أن تكوني دولة أفضل، يمكننا أن نتعامل معكِ تجارياً، ويمكن أن تكون لنا علاقات استراتيجية معكِ، ولكن لا يمكنكِ أن تكوني دولة مستفزة».
«سأغادر الطاولة»
وأوضح المبعوث الخاص أن المحادثات تتركّز حصراً على الملف النووي، وهو ما يمثل تحولاً عن سياسة إدارة ترمب الأولى، التي كانت تسعى إلى معالجة مجمل التصرفات الإيرانية العدوانية في المنطقة. وقال: «هل نعتقد أنهم بحاجة إلى التوقف عن دعم (حماس) و(حزب الله) والحوثيين، والتراجع عن كونهم عنصر استفزاز؟ نعم، نعتقد ذلك. لكن هذه مناقشة ثانوية».
وتابع: «هل نعتقد أنه لا ينبغي لهم تزويد مَن نعدّهم أعداءنا بالأسلحة؟ نعم، نعتقد ذلك. لكننا، مرة أخرى، لا نريد الخلط بين هذه الأمور والمحادثات النووية، لأن هذا الملف هو بالنسبة لنا مسألة وجودية. هذه هي القضية التي يجب حلها اليوم وبسرعة».
وقال ويتكوف: «لا خيار أمام الإيرانيين سوى قبول شروط (الرئيس الأميركي دونالد) ترمب»، مضيفاً: «إذا رفضت إيران شروط ترمب وقرَّرت اختبار صبره، فسيكون هذا تصرفاً طائشاً (…) سأغادر الطاولة».
ورداً على ويتكوف، نقل التلفزيون الإيراني، السبت، عن مسؤول إيراني قوله إن «أميركا مصرة على سياسة الضغوط القصوى على بلاده، رغم أن بلاده دخلت المحادثات مع الولايات المتحدة بحذر مع إظهار حُسن النية».
وأضاف المسؤول الرفيع أن بعض الأطراف في إيران يعتقدون أن العملية برمتها، منذ البداية، «مجرد تمثيلية لتبرير زيادة الضغط، والعدوان المستقبلي».
مَن يشارك في الجولة؟
على المستوى الفني، قالت شبكة «سي إن إن» إن المحادثات ستُعقَد في عُمان، الأحد، على مستوى عالٍ فقط، ما يشير إلى أن الجانبين سيناقشان إطاراً عاماً للمضي قدماً. ونقلت الشبكة عن مصدر مطّلع أن الفريق الفني، المسؤول عن التفاوض على الجوانب التفصيلية مثل تخفيف العقوبات، لن يشارك في هذه الجولة. وتابع: «كان من المناسب أن تُعقَد الجولة المقبلة من المحادثات على مستوى القادة الأساسيين».
لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أكد أن «الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة مع أميركا ستشهد مشاركة خبراء ومتخصصين إيرانيين».
وعشية انطلاق الجولة المرتقبة، قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، خلال لقاء مع عدد من العمال: «على شعوب المنطقة أن تقف في وجه أميركا وإسرائيل»، وردّاً على هتاف العمال «الموت لأميركا»، قال: «نعم، تشخيصكم دقيق».