تطوير منظومة الحماية الاجتماعية يجب أن يشمل التعامل مع المخاطر والتوفير المستمر للتمويل من المصادر المحلية
أكد الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة والمكلف من أمين عام الأمم المتحدة برئاسة فريق الخبراء لتقديم حلول لحل أزمة الدين العالمي، أن مبادرة “تكافل وكرامة” أصبحت واحدة من أهم أركان الحماية الاجتماعية في مصر وعنصرًا من عناصر تحقيق أهدافها للتنمية المستدامة.
جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها خلال الفعالية التي نظمتها وزارة التضامن الاجتماعي بمناسبة مرور عشر سنوات على إطلاق مبادرة “تكافل وكرامة”، وذلك بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، وعدد من الوزراء وكبار المسئولين والقائمين على المبادرة.
أعرب محيي الدين، في بداية كلمته، عن سعادته بالمشاركة في هذا الحفل، موجهًا الشكر لدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، على إقامة هذه الفعالية كمناسبة هامة نتوقف فيها للتعلم من الدروس الإيجابية لهذه المبادرة على مدار السنوات العشر الماضية، والاستفادة منها في تطوير نظم وآليات الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي في المرحلة المقبلة.
وقال محيي الدين إن الحماية الاجتماعية ركيزة أساسية من ركائز التنمية المستدامة لا يمكن أن تتحقق دونها، موضحًا أن إجماع المجتمع الدولي على أهداف التنمية المستدامة قبل عشر سنوات أكد ضرورة شمول النمو والتنمية لكافة شرائح المجتمع.
وأضاف أن العلاقة وطيدة بين الحماية الاجتماعية والتنمية المستدامة، وخاصةً أهداف القضاء على الفقر المدقع، والقضاء على الجوع وتحسين التغذية، وتوفير خدمات صحة وتعليم جيدة، وكذلك هدف التساوي بين الجنسين، منوهًا في هذا السياق عن أن ٧٥٪ من حاملي بطاقات “تكافل وكرامة” هم من النساء.
وأشار كذلك إلى ارتباط الحماية الاجتماعية بهدف توفير فرص العمل والتوظيف وتحقيق النمو الاقتصادي بالاعتماد على توفير الدخول وليس تقديم الدعم النقدي فقط.
وأوضح محيي الدين أنه في هذا العالم شديد التغير أصبح تهناك حاجة ملحة لتبني بعض مسببات التقدم مثل التحول الرقمي الذي يساهم في رفع الكفاءة و الإنتاجية وتعزيز الوصول ببرامج الحماية الاجتماعية للكافة، قائلًا إن التفاوت في وصول نتائج التحول الرقمي لفئات المجتمع المختلفة قد يتسبب في إعاقة تنفيذ الحماية الاجتماعية.
وأشار إلى أمر آخر مرتبط بالتقدم خاصةً في الحالة المصرية وهو التحضر، أو الانتقال من المناطق الريفية والصحراوية إلى الحضر، موضحًا أن هذا الانتقال قد يصبح أكثر إيجابية إذا ما تم وفق خطط مدروسة ومنضبطة، بينما قد يؤدي الانتقال العشوائي إلى الحضر غير المصحوب بعمل مؤسسي وقوانين منظمة إلى تفاقم المشكلات التي تعيق الحماية الاجتماعية.
وأضاف، أن الانتقال إلى الحضر قد يؤثر بالسلب على دور ما يعرف باسم الأسرة الممتدة التي تقدم الدعم والعون لكافة أفراد الأسرة، وهو ما يستلزم قيام مؤسسات الدولة بتقديم العناية والرعاية بصورة أكثر فاعلية لتعويض دور الأسرة الممتدة.
وقال محيي الدين إن العالم شهد في العقد الأخير الكثير من الأمور شديدة السلبية مثل الأوبئة والصراعات الجيوسياسية وما تسببت فيه من زيادة معدلات التضخم والغلاء أثرت على الكثير من البلدان ومن بينها مصر، وهي أمور تجعل الحاجة مستمرة إلى تجديد وتطوير نظم الحماية الاجتماعية وتمكين القائمين عليها بما يحقق الوقاية اللازمة للمجتمع من الصدمات الخارجية المتوالية.
وأفاد في هذا الصدد، بأهمية النظر إلى الفئات غير المتوقع تضررها من الصدمات الخارجية مثل الطبقة المتوسطة التي تأثرت بالأزمات الاقتصادية والجيوسياسية في مختلف دول العالم، مع تضمين هذه الفئات في قائمة المستفيدين من نظم الحماية الاجتماعية.
وشدد “محيي الدين” على أن الرؤية المستقبلية لنظم الحماية الاجتماعية يجب أن تعتمد على البيانات الصحيحة والدراسات المعمقة، مشيدًا، في هذا السياق، باعتماد وزارة التضامن الاجتماعي على مجموعة من الخبراء من داخل مصر وخارجها لعمل دراسات تساهم في وضع سياسات متكاملة لتحسين وتطوير نظم الحماية الاجتماعية.
وقال إن هذه الدراسات سلطت الضوء على خمسة محاور مهمة، أولها ضرورة التوسع في الحماية الاجتماعية وتوفير سبل الضمان اللائق والكافي للفئات المطلوب تدعيمها ومد شبكة الحماية الاجتماعية لهم، وثانيها هو استخدام برامج الحماية الاجتماعية لتوفير الفرص وتلبية احتياجات الكافة ودفعهم للبحث عن عمل بشكل أفضل وزيادة دور المرأة في المجتمع والتعامل الجيد مع ملف العمالة غير المنتظمة، وكذلك مد سبل الحماية الاجتماعية إلى الريف والمناطق النائية والفئات المهمشة في المدن.
ونوه، في هذا الصدد، عن أهمية استخدام ما أصبح يعرف بمعايير “ما وراء إجمالي الناتج المحلي” لقياس النمو والتنمية ومدى فاعلية برامج الحماية الاجتماعية ونجاح “اقتصاد الرعاية” المعني برعاية الأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة ومقدمي الخدمات في المنازل.
وقال إن المحور الثالث يرتبط بالمخاطر وأهمية التحسب لها في ظل حالات اللا يقين التي فرضتها الأزمات العالمية المتلاحقة، وهو ما يتطلب تحسين إدارة المخاطر وصناعة القرار في حالة اللا يقين، خاصةً أن هذه المخاطر أصبحت متكررة ومتشعبة وعميقة التأثير، أما المحور الرابع فيرتبط بتطويع نظم المعلومات لرفع كفاءة تقديم الخدمات وذلك من خلال الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وقواعد البيانات في تطوير خدمات الحماية الاجتماعية وتوفيقها مع متطلبات الشرائح الاجتماعية المختلفة.
وأضاف أن المحور الخامس يرتبط بالتوفير المستمر للتمويل المنضبط لمنظومة الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي خاصةً في ظل التغيرات والتقلبات سابقة الذكر، وتراجع المساعدات الإنمائية الدولية على المستويين المالي والتقني، وهو ما يستلزم حشد الطاقات الوطنية والمحلية وحسن إدارة المحفظة المالية والاستثمار في منظومة الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي لتحقيق أفضل النتائج.
وفي ختام كلمته، شدد محيي الدين على ضرورة أن تطور مصر برنامجًا وطنيًا للنمو والتنمية مع اقتراب تخارجها من برنامج صندوق النقد الدولي الذي سينتهي عام ٢٠٢٦، لافتًا إلى أهمية تضمين أهداف هذا البرنامج للنمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة ركائز الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي، وأن يكون هناك دور مؤسسي أكبر وسياسات متكاملة في هذا البرنامج الوطني بما يساهم بفاعلية في تحقيق أهدافه.
Source link
تم رصد هذا الخبر من موقع اليوم السابع