“خالد” لم يمت .. قصة بطل لا تُروى مرتين😥
ـــــــــــــــــــ
لم تكن النار وحدها ما التهم جسد الرجل، بل كان في قلبها شيء من النبل، شيء من الفداء، شيء يشبه المعجزات حين يختار إنسان أن يضع الحياة كلها على كفّ واحدة… ليُنقذ آخرين لا يعرف أسماءهم.
خالد محمد شوقي… لم يكن مجرد سائق شاحنة؛ كان رجلًا وقف حائلًا بين الموت والمدينة، واختار أن يميل بجسده نحو الجحيم، كي تميل الحياة قليلًا لأجل الآخرين؛ أصابته النيران، خنقته الأبخرة، تهشّم جلده تحت ألسنة اللهب، لكنه أصرّ أن يمضي حتى النهاية.
لقد فعل ما لن يفعله الكثيرون؛ تقدّم وحده، وساق مركبة مشتعلة، ليُبعدها عن الأبرياء. لم يفكر في اسمه، ولا في جسده، ولا حتى في أولاده الذين ينتظرونه على باب البيت؛ فكل ما كان بين عينيه هو “الناس”… فقط الناس.
سقط خالد، لكنه لم يمت؛ لأن من يموتون هم أولئك الذين يمرّون دون أثر، أما هو، فقد كتب اسمه على جدار الوطن، وأشعل اسمه في ضميرنا جميعًا.
لكن السؤال الآن:
أين كانت تدابير الأمان؟
من المسؤول عن محطات الوقود التي تتحوّل إلى فخاخ موت؟ هل تكفي كلمات النعي الرسمية لتُغطي على غياب إجراءات السلامة؟!
نعم، نحن نُقدّر الحزن الذي عبّرت عنه البيانات الرسمية، لكن خالد لم يكن عنوانًا في خبرٍ عابر… كان رجلًا حقيقيًا احترق لكي لا نحترق. فهل من العدل أن تكتفي الدولة بتوديع البطل، ثم تمضي كأن شيئًا لم يكن؟
صرخة خالد: “طفّيني”…
لم تكن مجرد كلمة، بل كانت جرس إنذار، وستظل تطارد كل من أهمل، وتُدين كل من قصّر، وتبكي في ضميرنا إلى أن يُحاسَب المقصر، ويُكرَّم الفدائي.
نرجو أن يُكرم اسمه بما يليق بتضحياته، وأن يُصرف لأسرته معاش كامل مدى الحياة، فهو لم يكن موظفًا عاديًا، بل شهيد وطن، شهيد أمان، شهيد ضمير.
سلامٌ على روحك يا “خالد”، وسلامٌ على جسدك الذي واجه النار كي نحيا.
اللهم اجعل مقامه في الفردوس الأعلى، بلا حساب ولا عقاب، واجعل من ذريته نورًا لا ينطفئ.
ــــــــــــــــــــ
د. ألفت المزلاوي – عضو مجلس النواب
حزب الشعب الجمهوري – مصر
Source