رئيس جامعة الأزهر لقناة الناس: السعي بين الصفا والمروة تكريم إلهي لعاطفة الأمومة

أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، أن شعيرة السعي بين الصفا والمروة التي يؤديها المسلمون في الحج والعمرة، هي في حقيقتها تكريم رباني لعاطفة الأمومة وتجسيد عظيم لتضحيات السيدة هاجر رضي الله عنها، مع وليدها سيدنا إسماعيل عليه السلام، في موقف لا تزال الأمة تستلهم منه الإيمان والصبر والثقة في الله تعالى.

وقال رئيس جامعة الأزهر الشريف، خلال حلقة برنامج “بلاغة القرآن والسنة”، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس: “حين ترك نبي الله إبراهيم عليه السلام زوجته هاجر وابنه الرضيع إسماعيل في وادٍ غير ذي زرع عند البيت العتيق، وسألته: “آلله أمرك بهذا؟”، فأجابها: “نعم”، قالت بيقين الواثق: “إذن لا يُضيعنا”.. إنها ثقة الأم المؤمنة بحفظ الله، التي نُخلّدها بالسعي حتى اليوم”.

وأضاف رئيس جامعة الأزهر أن سعي السيدة هاجر بين الصفا والمروة سبعة أشواط لم يكن مجرد حركة بدنية، بل كان تعبيرًا عن قمة التفاني والعطاء الفطري الذي يغرسه الله في قلوب الأمهات، مشيرًا إلى أنها كانت تبحث عن الماء لإنقاذ ابنها من الموت عطشًا، حتى نبع ماء زمزم من تحت قدميه بفضل الله، وقالت: “زمي زمي”، أي اجتمع أيها الماء، وهو الاسم الذي عرف به هذا النبع المبارك حتى اليوم.

وتابع: “هذا المشهد العظيم خُلد في نسك من أعظم المناسك، ليبقى السعي بين الصفا والمروة رمزا خالدا لصبر الأم وتضحيتها، وتكريمًا إلهيًا لها على مر العصور، وهو أيضًا تكريم لسيدنا إسماعيل عليه السلام، نبي الله وابن أبي الأنبياء، الذي ارتبطت نشأته الأولى بالبيت الحرام”.

وأشار إلى أن شريعة الإسلام كرّمت المرأة والأم خاصة تكريمًا عظيمًا، ومن صور هذا التكريم أن جعل الله سعي أمٍّ مؤمنة بحثًا عن الحياة لابنها، جزءًا لا يتجزأ من عبادة الركن الأعظم في الإسلام.

وأضاف: “حين يسعى المسلم بين الصفا والمروة، لا يؤدي فقط شعيرة، بل يستحضر معاني الإيمان، والتضحية، والثقة في الله، كما جسدتها أمنا هاجر، وهذا هو الدرس الذي يجب أن يظل حاضرًا في وجدان كل مسلم”.

قال الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، إن في تدبر آية السعي بين الصفا والمروة دروسًا عقدية وسلوكية عظيمة، تكشف عن عمق اللغة القرآنية وتوجيهاتها التي تربط بين العبادة والحياة، والفريضة والنية، مشيرًا إلى أن الله عز وجل في قوله:﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾، وهذه الشعيرة الخالدة رمزًا من رموز التوحيد واليقين، وتكريمًا لقصة الإيمان والصبر التي جسدتها السيدة هاجر وابنها إسماعيل عليهما السلام.

وأوضح رئيس جامعة الأزهر الشريف، أن قوله تعالى: ﴿فمن حج البيت﴾، أي قصده، لأن الحج هو القصد إلى بيت الله الحرام لأداء المناسك، بينما قوله: ﴿أو اعتمر﴾، أي أدى العمرة، وهي من نفس الجذر (ع-م-ر) الذي يدل على البناء والعمارة، مبينًا أن العمرة تعمر القلب، وتجدد العمر، وتقوي الصلة بالله سبحانه وتعالى.

وأضاف: “كلمة اعتمر جاءت على صيغة افتعل، وهي صيغة تدل على بذل الجهد والمشقة، ما يعكس أن المعتمر يُكلف نفسه طاعةً ليست مفروضة، فينال بها القرب من الله، في حين أن الحج فريضة، ولذلك جاءت الكلمة أخف، واللفظ أيسر”.

وبيّن رئيس جامعة الأزهر أن تقديم الحج على العمرة في الآية الكريمة هو إشارة قرآنية واضحة لفقه الأولويات، حيث تُقدَّم الفريضة على النافلة، وهذا يعلم المسلم أن يبدأ دومًا بما هو واجب عليه، قبل ما هو تطوع، مضيفا: “هذا ليس ترتيبًا لغويًا فقط، بل هو توجيه تربوي لتأسيس حياتنا على ترتيب الأولويات، في العبادة، والعلم، والعمل، والإنفاق، وكل جوانب السلوك”.

وفسر قوله تعالى: ﴿فلا جناح عليه أن يطوف بهما﴾، أن معنى “لا جناح” أي لا إثم ولا حرج، والمراد به نفي ما كان في صدور بعض الصحابة من تساؤلات عن حكم السعي، ظنًا منهم أنه من بقايا الجاهلية، فجاء القرآن ليؤكد أن السعي بين الصفا والمروة من شعائر الله، وأنه عبادة مشروعة محببة.

وأردف: “القرآن لا ينفك عن الحياة، وكل لفظ فيه يحمل نورًا وهدى. وفي آية الصفا والمروة، تتجلّى معاني الطاعة، وتجديد الروح، وترسيخ فقه الأولويات، وهي معانٍ يحتاجها المسلم في كل وقت، لا سيما في زمان غابت فيه كثير من الموازين بين الفرض والنفل، والضروري والهامشي”.



Source link
تم الرصد من موقع اليوم السابع

اشتراك

لو بتدور على مناقصة أو مزاد معين تقدر تتواصل معانا وهنعملك تقرير يتم إرساله يوميا على الواتساب الخاص بكم في المجال الـ أنت مهتم بيه سواء في الصحف الورقية أو بوابة التعاقدات الحكومية للتواصل: 01091776061